ناصر بن مرشد اليعربي.. موحد عمان

يعد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي من اشهر أئمة اليعاربة، وهو مؤسس دولة اليعاربة، وساهم في الكثير من الإنجازات التاريخية، حيث وحد البلاد، وحارب البرتغاليين والفرس.
وكانت الرستاق عاصمة لعمان في عهد الإمام ناصر بن مرشد بن مالك بن أبي العرب من ولد نصر بن زهران، وهو أول إمام في اليعاربة وأول من قامت به دولتهم، وكانوا قبل ذلك كغيرهم من العرب، رؤساء في الرستاق وما يليها، بعدما تقسمت الممالك في أيدي الرؤساء، واختلفت آراء أهل الرستاق ووقعت بينهم المحنة والشقاق، وسلطانهم يومئذ مالك بن أبي العرب، وهو جد ناصر بن مرشد .
ثم مات مالك وبقيت الرستاق في يد بنيه وهم أولاد عم الإمام ، فتشاور المسلمون وقدوة العلم يومئذ خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي صاحب منهج الطالبين، وعلماء آخرون، فوقع اختيارهم على ناصر بن مرشد، وكان فيما قبل ربيبا للقاضي خميس بن سعيد، فعقدوا عليه الإمامة بالرستاق في عام 1624 م ، وكان الإمام يسكن قصرى من الرستاق، وخاض عددا من الحروب لتوحيد العمانيين وطرد البرتغاليين .
بدأ الإمام عمله لتوحيد البلاد بمحاصرة قلعة الرستاق التي كان عليها إبن عمه مالك بن أبي العرب فاحتلها، ثم تقدم نحو نخل التي كان عليها ابن عمه سلطان بن أبي العرب فاحتلها، ثم سمائل ونزوى ومنح، وقد أمر ببناء حصن العقر في نزوى بدل حصنها القديم .
وأرسل جيشا بقيادة مسعود بن رمضان إلى سمد الشان فأنهى حكم علي بن قطن، ثم أنهى حكم محمد بن جفير في إبرا، ثم وجه جيشا آخر إلى بهلا فتمكن من ضمها، ثم انتقل إلى الظاهرة واقتحم حصن الغبي الذي كان تحت سيطرة بني هلال، وبعدها توجه إلى عبري فاستولى عليها.
محاربة البرتغاليين والفرس
هيأ الإمام جيشا عهد به إلى علي بن أحمد مدعوما بأحد أقربائه من اليعاربة، وبعد يومين من المعارك أحرزت قوات الإمام نصرا واقتلعت البرتغاليين والفرس من منطقة جلفار في ( أغسطس ) 633 1م وكان ذلك أول انتصار عسكري على القوات الأجنبية.
وبعد سنة أي في عام 1634 م وقعت منطقة صور وقريات في قبضة الإمام، في حين ظلت صحار ومسقط خاضعتين للقوات البرتغالية، وفي عام 1644م دخلت قوات الإمام حروبا متقطعة مع القوة البرتغالية، ولكنها لم تكن قادرة على اختراق السور المحيط بمسقط الذي كان البرتغاليون قد بنوا فيه قلعتي الجلالي والميراني.
ومن جديد، في عام 1648 م جردت القوات العمانية حملة بقيادة مسعود بن رمضان وخميس بن سعيد لفرض الحصار على مسقط وتحريرها، وفي 16 أغسطس  ضرب حصار دام حتى 11  سبتمبر أرغم العمانيون البرتغاليين في نهايته على قبول الشروط التي حددها الإمام، وفي 31 أكتوبر  وقع اتفاق من خمسة بنود ينص واحد منها على إلغاء القانون المتعلق بالضريبة المفروضة على العمانيين من قبل البرتغاليين .
كان هذا أول اتفاق فرضته قوة وطنية على مستعمرين، كان نصرا سياسيا للعمانيين بقدر ما كان نصرا معنويا، لكن البرتغاليين لم ييأسوا فقد طلبوا من قادتهم في الهند نجدات جديدة، فلم يكونوا يجهلون أنهم إذا فقدوا مواقعهم في مسقط فسوف يفقدون نهائيا كل مواقع الخليج العربي.
حيث مالت كفة الصراع بوضوح، فلم يعد صراعا بين مستعمرين ينصب على اقتسام مناطق نفوذ، بل أصبح صراعا بين قوة وطنية صاعدة ومستعمرين، ولكن الإمام لم ير في التحرير خاتمة لمشروعه، ففي أبريل 1649 م  وبعد 26 عاما من الحكم توفي ناصر بن مرشد في السابعة والأربعين من عمره تقريبا ودفن في مدينة نزوى.
كانت إنجازات ناصر بن مرشد ملحمية وتاريخية، فقد حقق توحيد عمان ومحا آثار خمسة قرون من المرارة الوطنية، وقد أعاد الاعتبار للكرامة العمانية واستعاد تقاليد الإمامة وأرجع تراثها، كما أعاد مكانتها إلى أذهان العمانيين، وقد أرسى أسس الدولة اليعربية.

http://2015.omandaily.om/?p=268492

No comments:

Post a Comment